
رفيق عويجان وداعًا
أهكذا يذكر لبنان مبدعيه؟
الكاتب: مريم شعيب
شهد لبنان وعلى مرِّ السنين إبداعاتٍ شتى لعمالقة الفن والغناء والتمثيل والذين قدموا الكثير خلال مسيرتهم الفنية، فمنهم من رحل عن هذه الدنيا مخلفاً وراءه فنّه فقط، وآخرون ما زالوا ينبضون عطاءً حتى يومنا هذا.
البعض من جيل اليوم لا يعرف أولئك العمالقة المبدعين، والبعض الآخر نسي إبداعاتهم أوتجاهلهم، إلاّ أن هناك من يستذكرهم من خلال الاستمتاع بأعمالهم الفنيّة الخالدة، وقراءة ما يخصّ حياتهم الفنية أو الشخصية.
وفي زاوية «في الذاكرة»، نسافر على متن سِيَر ذاتية حافلة لهؤلاء النجوم، متوقفين معهم عند أجمل وأهم محطاتٍ في حياتهم لإبراز ما قدّموه من أعمال مازالت راسخة في مسيرة الفن والإبداع...
كم من بطولةٍ برزت كان وراءها..
كم من أغنيةٍ اشتهرت كان كاتبها..
كم من أناقةٍ تألقت كان مصمّمها..
لكنه كان متواضعًا طيبًا، راضيًا قانعًا بأدوارٍ ثانوية خلف نجومٍ لم يكن أقل منهم خبرةً تمثيلية، أم بداهةً كوميدية، إنه صبي القهوة في "الدني هيك"، والتلميذ عويجان في "المعلمة والأستاذ"، وغير ذلك من الأدوار الثانوية التي لم تكن أقل أهمية من الأدوار الرئيسية، والتي كانت كفيلة بإدخال الفرحة والضحك لقلوب المشاهدين.
هو الفنان اللبناني رفيق عويجان...
توفي رفيق جرجس عويجان، فجر السبت 9 كانون الثاني، عن عمر يناهز 94 عامًا، بعد قضائه في مستشفى الروم، بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض، وجلطةٍ رافقته ثلاثة عشر عامًا، شُلّت خلالها حركته.
غادر رفيق عويجان حياته تاركًا فيها ثلةً من الأعمال الهامة التي كانت تجمع العائلة اللبنانية أمام شاشة تلفزيون لبنان "بالأبيض والأسود"، باصمًا في كافة الأجيال اللبنانية، من مسلسل "أربع مجانين وبس" إلى "الدنيا هيك"، "عازف الليل"، "يا صبر أيوب"، "المعلمة والأستاذ"، "الزمن والدولاب"، "مسحر رمضان"، "برج الحوت"، وغيرها من الأعمال المميزة.
لعب عويجان أدوارًا ثانوية كثيرة، وشارك في أكثر من 100 مسلسلٍ خليجي وعشرات المسلسلات اللبنانية والمسرحيات، واشتهر في الكثير من المسلسلات اللبنانية بدوره كعامل في المقاهي متنقّلاً بين الزبائن على وقع ندائهم له: "نارة يا عويجان". رغم أن معظم أدواره كانت أدواراً مساعدة، إلا أنها ببصماتها الكوميدية المميزة لاتزال محفورة في وجدان محبي الكوميديا، وكانت هذه الأدوار مع ألمع النجوم الذي ساهم هو في تعزيز أدوارهم البطولية.
فضلاً عن المسلسلات التي قدّمها، كتب كلمات بعض الأغنيات الشهيرة منها: "يا حلوة شعرك داري"، "يا زمان الماضي عود"، وقد غنى له مطربون لبنانيون مثل جوزف ناصيف وغسان صليبا وغيرهما. أحب الشعر وكتبه، فأصدر ديوانًا شعريًا له.
ولد الراحل عام 1922 في أنفه شمال لبنان، تلقّى علومه في مدرسة النجاح في بشمزين الكورة، انتقل بعدها إلى مدرسة المساواة في أنفه .
بدأ في سن الثامنة عشر من عمره بتعلم الخياطة وتصميم الأزياء، حيث عمل حوالى 4 سنوات مع كوستي،عمل بعدها مع مصمم الأزياء وليم خوري فكان آخر تنفيذ له للفنانة سميرة توفيق.
في سن الخامسة والعشرين، وأثناء مراقبته لمنفذ الأزياء في تلفزيون لبنان "صلاح مشلاوي" حين كان يصلح لفة الأمير لمن يلعب دور "هارون الرشيد" ولم ينجح في ذلك،تقدم منه عويجان قائلاً: "هات عنك"، ما أثار انتباه وإعجاب مخرج المسلسل إيلي سعادة بأدائه، فطلب منه البقاء حتى نهاية المسلسل.
بعد مسيرةٍ فنيةٍ طويلةٍ من العطاء والعمل رافق فيها انطلاقة التلفزيون اللبناني ممثلاً وعاملاً في الكواليس، مشاركًا في مسلسلات كثيرة تبلغ رفيق عويجان قرار فصله، مع عددٍ من زملائه الموظفين، من "تلفزيون لبنان"، هذا الخبر هزه وجاء كالصاعقة التي دمرته نقسيًّا، حيث بات غاضبًا حزينًا، وسرعان ما ضربه الفالج وأصيب بالجلطة التي إثرها تراجعت صحته كثيرًا.
انتهت وظيفته فانتهى معها رفيق، ولازم فراشه إلى يوم رحيله.
غادر عويجان عائلته وجمهوره، وصورة الطيب البشوش ستبقى عالقة في أذهان الكثيرين من الذين عاصروه، رافقوه أو تابعوه عبر الشاشة. هكذا طوى التلفزيون اللبناني صفحةً جديدة من حياة فنّانيه المخضرمين الذين أغنوا شاشته ومنحوها رصيدًا عاليًا يُفتخَر به في عالم التألّق والشهرة.








موضوع رائع ومتكامل..وبرأيى لقد أعطيت الفنان حقه
ففنه متميز ويحتاج إلى موضوع مثل موضوعك شامل ومتكامل...
تحية معطرة وتقدير لهذا الطرح الرائع..تحياتي
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.