
ما بين الترشّح والسجود على
التراب
الترشّح للانتحابات ما بين
المستحب والوجوب
الكاتب: علي محمد شعيب
الترشح للانتخابات البلدية أو لأي منصب آخر لا يتعارض مع الالتزام
الديني للفرد ، بل يمكن أن يكون في بعض الأحيان مستحبًا بل ربما يصل إلى درجة الوجوب
في بعض الحالات الخاصة، لقد أوحى الله عز وجل إلى نبيه يوسف عليه السلام وأمره أن يطلب
السلطة لنفسه... قَالَ: "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ
عَلِيمٌ". هذه مقدمة قصيرة حتى لا يفهم الكلام في غير مقصوده.
وفي العودة إلى موضوعنا، ففي البعد المعنوي للسجود على التراب
لدى الشيعة الإمامية، يقال بأن المطلوب من المصلي أن ينشئ علاقة يومية بينه وبين هذا
التراب، وأن يجعل روحه تحاور هذا التراب، حوار اللهفة على المصير الأخروي، ولذلك رتب
المولى عز وجل للإنسان لقاءات يومية مع التراب حتى لا ينسى.
أثناء الصلاة يكون التراب (السجدة) هو المدى الأخير ومحط نظر الإنسان، ومهما كانت الأشياء أمامك وحولك ثمينة
ونفيسة وذات قيمة، لا تستطيع أن تنظر إليها إذا كنت مصليًا، ولا قيمة لها في حال الخطاب
مع الله عزوجل، ولهذه المسألة بعد تربوي وأدب معنوي، ففي واقع الحال يجب أن تعلم أن
آخر مداك كإنسان هو التراب، وأن محطّ رحالك التراب، وبنفس المعنى مهما كانت الأشياء
أمامك وحولك نفيسة وذات شأن وغالية على قلبك، فهي كذلك (أي غالية) فقط في المساحة الفاصلة
بينك وبين التراب (القبر والرميم)، أما عندما تصل إلى معدنك الأصلي\، فستسقط قيمة كل
هذه الأشياء ويخبو وهجها ولن يبقى لها أي قيمة ولن تعني لك شيئًا... ولن تفيدك بشيء.
ومن ناحية أخرى، فالتراب هو أصل الإنسان، وهي مادة لا شأن لها
على المستوى المادي، فلماذا لا يتواضع الإنسان؟ ولماذا لا يهادن؟ ولماذا لا يشفق على
نفسه؟ ولماذا يكون حاضرًا لتخريب الدنيا وتحطيم كل شيء لأجل شهوته ومصلحته ورغباته؟
ولماذا يصرّ على الشموخ والتعالي وتفضيل نفسه على بقية خلق الله؟ ولماذا يرى في نفسه
ما لا يراه في غيره من البشر؟
أحببت أن أقدم هذه الكلمات، في
هذه الأيام المحمومة... حيث رياح الانتخابات تعصف بعقول وصدور الكثيرين وتؤرق ليلهم
ونهارهم، وطبعا... هناك الكثيرون عقولهم وصدورهم هادئة مطمئنة لا رياح ولا زمهرير،
طقس ربيع رائع وجميل، أقول لهم... صباح الخير، يسعد صباحكم.

والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.