ابراهيم عبد المنعم عواضة
مزيجٌ من الطيبة والصلابة في شخصيةٍ نمطية
الكاتب: مريم شعيب
هو أحد أبرز الشخصيات النقابية التي لعبت دورًا مهمًا
وطليعيًا وشجاعًا دفاعًا عن وحدة لبنان ومؤسساته، ودرء الإنهيار الاقتصادي والاجتماعي فيه. يمثّل الشخصية الصادقة، الصلبة
والشجاعة إلى حد المغامرة بالحياة. ولاؤه للوطن أولاً وأخيراً ولوحدة أبنائه، غير
متعصّبٍ لمذهب أو طائفة، منفتح، رفض دومًا الاستسلام للأمر الواقع وسعى لطلب التغيير
بكل الوسائل الديمقراطية. متواضعٌ، لم يهمّ يومًا بالمظاهر والشكليات، عاش غير
طامعٍ بمنصب أو مكسبٍ خاص، بل تفانى بعمله، شريف، محب، إنها صفات الشخصية الناجحة
وهي شخصية من نستذكر اليوم.
إني إذ أستذكر اليوم إنما علمًا هو الدكتور الراحل
المحامي ابراهيم عواضة، والذي مذ كان شابًا يافعًا طالبًا في الجامعة اللبنانية،
كان مناضلاً مندفعًا بحماسة بارزة أسس الروابط واللجان ولعب دورًا قياديًا فيها
بتحركاتها حتى تحقيق المطالب.
طموحه كان كبيرًا لتحقيق المزيد من الترقّي الاجتماعي
بواسطة العلم والثقافة ما دفعه لمتابعة دراسته حتى الإجازة الجامعية في مادة
القانون ونيل دبلوم الدراسات العليا فيها.
النضال مع الجماعة كان هاجسه، قاربه بجدّية وصرامة
كواجبٍ مطلق استجلبه هو إلى ساحه بقرار حرّ، من غير أن يُفرَض عليه من سلطةٍ
معينة، واجب يؤول تلقائيًا إلى إقصاء كل أشكال التخاذل والارتخاء والجبن واللهو،
ويكون تلقاءً صنو المجاهدة، وأقصاها المواجهة الشجاعة.
عنيدًا كان عواضة، ككل الأنقياء الأصفياء، مزيجًا من
الطيبة والصلابة، في شخصيةٍ نمطيةٍ، ضنينة بالتكامل بالآخر لتشكيل النحن الأخوية،
لا تتنازل عما تعتقده حقًّا وصوابًا.
مثالٌ يخلق في محيطه البشري، من غير ضوضاء ولا شغب كلامي
صاخب، حضورًا فاعلاً في العمق في أترابه ورفاقه، خافيًا على ذوي الأعين الحجرية،
تحتاجه الجماعة دومًا للملمةِ تَبَعثُرِها وترميمِ أواصرِ جمعيتها التطوّعية
الواعية، كغراءٍ لازمٍ لوجودها كان الدكتور عواضة يتوق دومًا إلى تحقيق الإصلاح
والتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لذلك غاص في التجربة الحزبية، وكان على
الصعيد الوطني متشبّثًا باستقلال لبنان وحريته وسيادته وبتحرير أرضه مهما بلغت
الصعوبات.
كان صلبًا صادقًا وصريحًا يكره الانتهازية والمزايدة
يدين الصفقات ويرفض المساومات على المطالب، لكنه في نفس الوقت كان يتقبّل التسويات
المشرّفة التي تفرضها الظروف والتوازنات والإمكانات المتاحة. وكان يقدِم عليها من
دون خجل أو شعور بالذنب والإنهزامية بل بوعيٍ وحسٍّ نقابي متقدّم.
هذه المسيرة التوحيدية له ما خلت يومًا من خوض المغامرات
بالقول والفعل إلى حد المخاطرة بالحياة خدمة لمصالح أفراد مجتمعه وغيرهم.
سيبقى الدكتور ابراهيم عواضة في ذاكرتنا وذاكرة زملائه
ورفاقه: المناضل والريادي والقيادي الصلب الصادق والوفي.
وسيدوّن إسمه في السجل الذهبي لتاريخ حركة المحامين في
لبنان والحركة النقابية العامة.
لك منا آيات الاحترام والتقدير.
ستبقى الشمعة التي أضاءت بتجاربها الغنية دروب النقابيين
في مسيرتهم النضالية.
إنك فعلاً لتستحق التكريم ولن تفيك صفحاتنا في ذكر منافعك
لذا لن نكفّ يومًا عن الحديث عنك.
رحمك الله أستاذنا وأبقاك حيًا فينا.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.