"إطعام الأكباد الجائعة"
سلاحٌ
يغني جيوبَ المستغلّين
الكاتب: حنان رحيمي
عام بعد عام نزداد تعرية لشهر رمضان من معانيه الحقيقية... حيث
بات حضوره مواسم تجارةٍ تبيّض ذهبًا لبعض رجال الدين وبعض الجمعيات المسمّاة إنسانية،
وخيرية، واجتماعية، ويطلقون شعارات لا تخطر ببال لاستدرار شفقة أصحاب الأيادي
البيضاء... على بعض الدعوات لإفطارات وعزائم تحثّ المحسنين للتبرع للفقراء
والمساكين. تلفتنا عبارة "إطعام الأكباد الجائعة"... "هالجملة
بتخلينا نشعر إنو نحنا بالحرب العالمية الأولى إيام المجاعة والناس مرمية بالطرقات
عم تلفظ أنفاسها من الجوع..."!
يسبقون الشهر الفضيل بتعليق صور كبيرة مهينة للإنسانية على الطرقات لأطفال
أيتام ومعوّقين، "كل سنة بتتغير الصور وبيبقوا هالأطفال عم يكبروا عالطرقات...".
يقيمون حفلات الإفطارات الرمضانية في أفخم المطاعم والمنتجعات ويجمعون ما
استطاعوا إليه سبيلاً من تبرعاتٍ باسم الفقراء والمعوزين الذين لا علم لهم ولا خبر.
وإذا ساعدهم حظهم السعيد سيحصل المدعوم منهم على "كرتونة" لا
تسمن ولا تغني عن جوع" أو وجبة طعام مع رغيف من الذل... وصورة تذكارية لتثبت
ما أنجزه تجار رمضان من مساعدة للمحتاجين ليزينوا بها صفحاتهم الفايسبوكية...
متجاهلين مقولةً كنا نتغنّى بها قديمًا وهي: "أعطِ بيدك اليُمنى دون أن
تعلم يدك اليُسرى".
وإلى رمضان القادم حيث المزيد المزيد من الفقراء والعجزة والمسنين،
والمزيد من رجال الدين والجمعيات. على أمل أن ندرك يومًا أنّ جوع الفقير ليس للطعام،
بل للإنسانية والكرامة والعيش الأبيّ...
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.