إنكسار الحياة
البحث عن الذات
الكاتب: الأديب
الشاعر أحمد وهبي
أشعر كلما أمسكتُ بالقلم ﻷحبرَ نصَّ داخلتي، كأني توالد حواسٍ بكلماتٍ
تعيد علي ما أسلم للبصر، وفي الصورة رؤىً تزخرفُ فيوضاتِ المبدعين. هناك، عن مكانٍ
قصيّ أوﻻدٌ يثيرونَ ملاحمَ تتبدّى حفرًا في روحِ المكان، والزمان عُوِّدَ على بدء
حكاياتِ
الوقت، وقد جُمِعت من نظراتٍ قديمة. في تلك الروايات ما ﻻ
يُنسى، ثقبٌ في بابِ الزمن يحملُ عينيَّ إلى اليومِ اﻷولِ لي في الحياة.
والناس مثل كتبةِ أيامِهم، يحكونَ لي عني. هم أصدقاءٌ
مغرقونَ بالحبور، يؤدّون تحيةَ الميلادِ لوالدي. مع الوقت أدركتُ كيفَ أكبر واﻷيام!
كيف أخزن مشاعر الناس! أسحبهم إلى أماكنهم في الحكايا، واﻷسرارُ الطفيفةُ المضحكةُ
تمنحنا لقطاتٍ تستيقظ كلما نهضَ القلب من رقادِ زحمةِ الحياة.
كثيرةٌ هي الوجوه، وفيها تصوراتُ العاداتِ واﻷزياءِ
والسهرات. يومٌ آخر... وأنا أبحثُ عن نظرةٍ تاهت في حكايةِ تشابهِ صلاةِ الأفكار والمشاعر،
وإذا ما جسّدت تجسّدت لغةً مفعمةً بحبورٍ يجاذبُنا أطرافَ اﻷحاديث، كما سخرية حادة
وذكية تكاد جمعًا لحوادث وطرائف قلَّ لها نظير.
لم يمنحنا الوقت في ما بعد الكثير، فالحربُ استعجلتِ الناسَ
إلى حتوفهم، والصور تعرّت من ألوانِها، فبدا الواقعُ برمادِهِ عبورًا ﻷشكالٍ
وهيئاتٍ تقول مناماتِها بقسوة، بتماسٍ يخلعُ حُجُبَ الطينِ والذاكرة، يُخرج من
صدورِنا ونحورِنا كتاباتٍ عفوية... والبعض يَرغي ويزيد، كأنها إشارةٌ ﻷدبٍ يرد
القهر. وليس لنا أن نبتعد عن موتٍ وحياةٍ آن انفجارٌ لأماكن بناسها وتحوﻻتها. كنا نواكب
النصوصَ حتى آخر يومٍ عن كتاباتٍ يوميةٍ على جدران التذاكرِ حتى وقع الجميع أمام
آﻻمِهم، تسحبهم إلى حكاياتهم، وقد فاضوا بورودِهم وأشواكِهم، فلا تخلو اﻷشجانُ من
ضحكاتٍ وثرثراتٍ تلقائيةٍ مباشرةٍ، تباشر المقبل كأنما بلعناتٍ واستغفار.
أعيش في بقايا ظلي، وفي التشظّي مساراتٌ عالميةٌ تؤكّد خوفَ
اﻷشياء، مخاوفُنا وقد صدرت ظنونًا ذاتيةً تتّهمُ الذاتَ بسيرٍ أبعدَ ما تكون عن اليأس،
عن الواقع أحيانًا، كأنما تقولُ معجزتَها العالمية السريالية، فانحدر عن فروع الشجرة
الوارفةِ السلالاتِ صعاليكُ يختالون عبر جدليةٍ تخرب على أولئك الكبار... ظنًا
بأنهم كبارٌ في قلبِ أو أعلى الشجرة.
وكاد أن يفلتَ ظلٌّ ما، أن يلبسَ لباسَ شيخٍ جليل، وله أيضًا
لباسُ بهلول. صورةٌ مثقوبةٌ تعكس حياةً في مجملِها حيواتٌ تنسج حسناتِها وسيئاتها،
ثم قالت (حياة) واحدة... سأتجرّد من حزني وفرحي، سأعلق لساني على مسمار القلب،
سأغلق على القلب بنَصٍ بلا معايير، سأكون فعل الكتابة للحب والعشق والندم... أمضي
والقتل حتى يستقيم معنى الحياة. لكن لحياة أخرى أن تعلن هيستيريا عن جسدٍ ضرَبته أنواءُ
الذنوبِ بأبجدياتٍ على وشكِ الاكتشاف، فكان الاختلاف واضحًا، والخلاف سيد لعبةِ
الأمم، كما كشفتِ الصحاري عن أممٍ تحت الرمال، وفي المحصّلة علم لكل برميل نفط
وجيوش مرتزقة وكتبة وفتاوي بلاط... يا له من شعور لذيذ بالوحدة، من تلك اللحظات
سيحمل العالم قلق الوجود.
ثم قلبت الصفحة فظهر منها ما بطن طوال أباطرة وقياصرة
وملوك وجيوش واحتراب، وأنا أعبر بالنعاس إلى شفقٍ نام وحيداً، كانت عينان تلمعان
باحتراقِ مهودنا، تترقرق مثل هبوط سفينةِ "أبولو أو سيوز" فوق سطح القمر
أو المعرفة أو سفينة "نوح". وفوق هذا النقش عباراتٌ عن ملاعب وماء ودماء،
عن مصادفاتٍ شدّت بعصبِ الجمع، تفرقت بقذائف سماوية، والطفل القديم في بيته في "بيت
لحم"... قرب لحومٍ والتحامٍ لشعوبٍ تقطع بجدر العار والعزل في بيت أبيها
واﻷجداد.
وكنا الحصار... ها نحن نقرأ مزاميرَنا بإسهالٍ لغويّ، ولنا
في كلّ ضاحيةٍ أضاحٍ بشرية، يفتعلون حمامهم كي ندوّنَ أنفسهم في المرايا، كي نصلي
ونعيد الدمَ على الدمِ على الفم... وقد جنّ في عرضِ الحطام ظلٌ يكاسرُ اﻷقدامَ
والصراخ، طفلٌ يطرقُ اﻷعضاءَ الرخوة ببكاءٍ يرتعشُ في الرأس، طفلٌ يركض في ديوانِ
العربِ ببواديهم وحواضِرهم، كان يشتمُ دمَه في الغُرَفِ السوداء، في أقبيةِ
التعذيب، على السياطِ واﻷسلاكِ واﻷشواك، على... ونقف دقيقة صمتٍ عن أرواحنا.
هناك، أعبر بلحمي ومائي،
والقلقُ يسوسُ اﻷفكارَ ببيانٍ يلي بيانًا وبيان، تغمُرنا اﻷمطارُ والشوارعُ غزيرةٌ
بالعابرين، ولست أدري مَن هو مَعَ من؟ مَن ضدُّ مَن، والبحثُ عن الذاتِ تهمةٌ
مجازيةٌ يُستحقّ عليها الجلد. وتسآل الحال ليس لماذا غيرنا يتقدم ويتطور؟
بل لماذا ننحو ونزداد قهرًا وتخلفًا...!!؟
ننتظر منك الاكثر
هو واقع مجتمعنا الحالي.
نحن نبرهن عن النجاح أو الفشل طبقا ًلنوعية وطريقة تفكيرنا الاعتيادي .. أيهما أقوى في حياتنا: أفكار النجاح، أم أفكار الفشل؟ إن كان تفكيرنا سلبيا ًفي معظم الأوقات، فلن يكفي التفكير الإيجابي بين الحين والآخر لاجتذاب النجاح. ولكن إن فكرنا باستقامة وإيجابية فسنعثر على ضالتنا وسنبلغ غايتنا، حتى ولو شعرنا أننا محاطون بظلمة كثيفة... نحن الوحيدون المسؤولون عن أنفسنا.
جميل أستاذ أحمد هذا النوع من رسائلك للحياة كما أحسنت التسمية، ما يثير اهتمامنا ويحثّنا على البحث عن ذاتنا ضاربين عرض الحائط هذه التهمة المجازية وما يترتب عليها من عقوبة الجلد.
and this site is not responsible for it