لطالما يعود من محجّه هناك عزلةؑ قسرية۔۔ صفحاتؑ راعشةؑ من فراغ وخواء الکاتب: الأديب الشاعر أحمد عبد اللطيف وهبي
(1)لطالما يعود من محجّه هناك
عزلةؑ قسرية۔۔
صفحاتؑ راعشةؑ من فراغ وخواء
الکاتب: الأديب الشاعر أحمد عبد اللطيف وهبي
... عشنا تجارب الحروب بكلِّ موتها... بإرادةٍ وصبر، ولا متّسع الآن لأفكرَ بنفسي ونجاتي، خوفي على الذين أُحبُّهم، على مَن أعرف... ومَن لا أعرف، واحسرتاه على الأرواح البريئة، قتلها الألم والرّعب، وطُحِنت الأحلام، كيف تُستعاد ما بعد هذا الموت الزؤام؟ لربّما لو يعود المرءُ منّا بأرواح الكائنات العاقلة وغير العاقلة...!!۔
هنا، وقد أقفرتِ الدُّنيا، وضاعت الشمس ما بين شرقٍ وغرب، وجُنّت الجهاتُ عن أوقاتنا وصخبنا، وخلت فضاءات كوكب الأرض من عروض سحاب الطائرات، أصابتنا العزلة حتى النخاع الشوكي، وفرحت الكائنات تُنفّس عن حنقها وقهرها واحتجابها القسري، كما لو ترسم عالَمنا الجديد، تدلُّ على رغباتنا الفجّة، ونسأل كيف انوجدنا في هذا الإحتضار ؟ تعترينا زفرات مرعبة، ويصير الفراغ والخواء صفحات راعشة، نحاول أن نملأها بماءٍ بارد، تسخر منّا كأولادٍ هاربين من نواطير الغياب۔
نهرول، لا ندري مَن يُطارد أرواحنا، ولرئتيْ الليل والنهار، سبورةُ العالم الوحيدة... كُتِبَ عليها "الحجر يحميكم"، كيف انقلبت الأدوار إلهي؟ تتمازج أعماق الذكريات بأعناق مشانق... تتدلّى في دواخلنا، وخِلنا القمرَ بيدٍ والشمس بأخرى۔۔۔
أخرجُ كاسراً خوفَ العالَمين، لا أتفادى النظرات والنظريات، تلك المشحونة بالغضب وعلامات التعجّب، ولا عجب، كُنْ أنتَ مقاوِماً لنفسك، غير مرعوب، بوسعنا التصرّف بمنطقٍ وعقل، وإن فرغت الشوارع من قاماتنا الطويلة الخيال، نحتسيها في قهوة الصباح، نسحبُ عنها غراباتنا، نمسح عليها برفقٍ، التي صِلتُنا الوجوديّة حين نطلع للشّمس۔
الأيام، صفحةُ الوقتِ فيها بيضاء، نستيقظ كالروبوتات، كما لو تعرّضنا لصواعقَ كونية، ولم يعُدْ لدينا حوائج أخرى؛ فبفضل الريموت كنترول.. الكورونية، نتحرّك حسب رغباتها، ومجمل الأخبار التي نتلّقفها، تُخزّن في أرشيف الذاكرة، على ما يبدو، تصير المشاهدُ بأصحابها مفوّهةَ الحديث، مفوّضةَ الخطايا بأمر القرن الأسود والأبيض۔
أخالُنا، تقمّصنا نحن الشعب بصورة وحيد القرن، ومجلس الأمة على هيئة التماسيح، والنظام الطائفى مثل أفاعٍ تسعى، تلدغ، تبتلع الطوائف والمذاهب، أمّا عن الطائفيين والمذهبيين.. حدّث ولا حرج، حيواناتٌ ضارية مفترسة شرسة بلا انقطاع، ونسأل.. لٍمَ المصارف تفعل ما تفعل؟ أيضاً عن الماء والكهرباء والدواء.. وكلّ شيء، الأمر لا يحتاج لمُنجّمٍ مغربي، لا للضرب في الرمل أو المندل، فالسَحرة في كلّ مكانٍ ودائرة كالذباب الإلكتروني، وهم عساكر الزعماء الطائفيين وأزلامهم، ومهما يدوسون على أحلامنا، سنلاحقهم في مناماتهم۔
ها هنا أقعدني قلبي، وقال عليك المكوث، والامتناع عن العمل والشراب.. والفرح، يا له من قلبٍ مجنون۔
ها هنا الجرحٌ يتّسعُ لمجرّاتٍ لا تُحصى، لوردةٍ وحيدةِ العوارض؛ فاستقللتُ نجمةً تأخذُ بي إلى ما وراء الزّمن، والشمس عالقة بخيالي لا تغيب، وفي جعبتي قهوتي المثالية المُهيّلة، ورقائق الذرة المشهورة باسم كورنفلكس، وهذا الموبايل، أُساجلهُ ويساجلني.. يا له من ماكرٍ كالرجل الأبيض ومن نتاجه، يتبع الليبرالية المعولمة، أجهدُ في متابعة رحلتي الهاتفية، كأنّما عالقٌ بين أمواج العوالم، لا يرقى النظرُ ليابسةٍ ما.. حتى وإن كانت غريبةَ موطئي، وأنا في قاربي الفضائي، حيثُني.. كائنات البحر تجري بأقدام، وحيوانات الغابات المفترسة تطير بلا أجنحة، ومياه الأرض تدور حول نفسها وأمدائها، وقد قالتِ الأشياءُ حطّمني.. لكَ آلاف
الأعوام تحياها۔
يتبع۔۔۔۔
تحية من القلب
قالت الاشياء حطمني، وبعثرت من حولنا كل عوالم الحياة، وصار وجعنا متآلفًا، يكبدنا ما استطاع من قهر وألم. لكننا سننتصر للحياة، للانسان فينا ونسبح نحو حريتنا وصخبنا وعشقنا. سننتصر لارادة الحياة فينا، ونهزم شبح الفشل والعار، ونسمو بآياتنا الى جنات نصنعها بأيدينا وعقولنا وعزيمتنا. تحية استاذنا من القلب الى القلب
راٸع
مقال جميل
مكتبة الصور
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.