تلغراف على ضفة
نادي الزوارق – نهر النيل الأزرق
البارجة ملك - Live the Queen
والرغبة بعودة الإدارة البريطانية السودان...
الكاتب: د. خالد عبد الرحمن/ السودان
في بعض الأحيان في نهارات صيف المدينة النيلية الحار والمعروفة بالعاصمة
المثلثة في الخرطوم، بعد أن تنهي عملك المكتبي عند الرابعة عصرًا وأنت تغادر موقع
عملك عند الخامسة اي بعد ساعةٍ من نهاية الدوام الرسمي. انتظار برودة الجو وانخفاض
الحرارة تأخذك عجلات سيارتك قبل الذهاب للبيت للاستمتاع بمنظر النيل الأزرق البهيّ
وتناول العصائر والمثلجات، وأنا عندما أكون هناك وأمر وأقف على منظر البارجة
الحربية أو السفينة المقاتلة "ملك" كما أسماها سردار الجيش الغازي
للخرطوم في العام 1898م، اللورد (كتشنر) واعتلاها وهو يقصف مدينة "أم
درمان" بالصواريخ، ومعلوم أن كتشنر الذي اسمه (هوراشيو هربرت
كتشنر) أو اللورد كتشنر (24 يونيو 1850 بأيرلندة- 5
يونيو 1916) كان القائد الأعظم (Field Marshal) للجيش البريطاني ورجل
دولة. بدأ كضابط بسلاح المهندسين الملكي ثم عُيّن حاكماً على المستعمرات البريطانية
بمنطقة البحر الأحمر في عام 1886 ومن ثم أصبح القائد الأعلى للقوات
المسلحة بالجيش المصري في عام 1892.
اشتهر كتشنر عام 1898 لانتصاره في معركة
"أم درمان" وتأمين السيطرة على السودان، بعدها مُنح لقب (لورد
كتشنر من الخرطوم)، كرئيس للأركان (1900–1902).
ريثما أنهي جولتي بنادي
الزوارق وأعتلي سفينة "كتشنر" أسترجع ذاكرة بدايات الوجود البريطاني في
السودان المشترك أو الثنائي الذي ما لبث أن صار أحادي - بريطانيا فقط... بعد
اغتيال عصابة مصرية لِ (السير لي استاك) سر دار الجيش المصري وحاكم عام السودان
بسبب خطط عمله الجبارة التي هو بصدد تنفيذها في إعمار السودان والتي سبقه فيها أسلافه
(كتشنر) والسلاطين، لعل تخطيط السر دار الإنجليزي (سير لي استاك) لقيام مشاريع
زراعية ضخمة في السودان وسدود مائية أهمها مشروع الجزيرة وخزان سنار آثار حفيظة
المصريين فقامت مجموعة متفلتة من أنصار حزب الوفد باغتيال الجنرال في العام 1919م،
ولعل اغتياله لم يوقف مشاريعه بل زاد من تصميم الإدارة البريطانية على تنفيذها
وأبعد مصر نهائيًا عن السودان وأسس لبداية علاقة قوية وعميقة مع السودان بل أن ذلك
الإرث قد ساهم من الرغبة العالية الموجودة الآن في عودة الإدارة أو الخبرات
البريطانية للسودان وقد بدأ ذلك واضحًا لدى الطرفين من خلال وجودي في مقر إقامة
السفير البريطاني الذي قدم الدعوة لعشرات القيادات في السودان في حفل استقبال
بمناسبة العيد التسعين للملكة إليزابيث الثانية، وقدّم خطابًا يحمل تلك الحيثيات
من خلال دعم إخلال السلام وتجويد وتطوير التعليم والعمل الإداري، السفير (مايكل أرون)
عمل أستاذ اللغة الإنكليزية في مدرسة (ود مدني) الثانوية عاصمة الجزيرة في العام
1972 وهو يعود للسودان من جديد يحمل حماسًا عاليًا اجتمع مع رغبة السودانيين في توسيع
وتنشيط العلاقة مع المملكة المتحدة، هي محض رغبة أم قابلية لعودة الاستعمار
البريطاني مع ترديد البعض لعبارة Live the Queen؟
قديمًا حملت مياه النيل
البارجة "ملك" مع بقية الأسطول الذي كان قادته ضباط إنحليز وجنوده
مصريبين... وها هو (مايكل أرون) يعود بعد 44 عامًا ليؤسس
علاقات جديدة في عالم من المتغيرات الكبيرة!...
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.