المكتبة العامة ودورها
في محو الأمية المعلوماتية
المكتبة العامة في عصر الإنترنت
الكاتب: مريم شعيب
بلا شك، أن المجتمع اللبناني يحيا تغيّرات جذرية على جميع المستويات نتيجة
للمتغيرات العالمية (في شتى مناحي الحياة)، وكي لا نصبح في معزل عن العالم، في
إطار عصر العولمة وتكنولوجيا الاتصالات وثورة المعلومات، أصبحنا في حاجة ملحة
لوجود فردٍ قادرٍ على الدفاع عن ثقافته وموارثته، وفي نفس الوقت يتمتع بثقافة
العصر وعلومه. وهذا ليس بالأمر السهل، ما أوجب على المؤسسات المعنية ببناء عقل
وفكر، بل ووجدان المجتمع، أن تنهض وتتكاتف في بناء هذا الفرد، وبلا شك فإن
المكتبات، وخاصة العامة، تلعب دوراً هاماً في تأهيل أفراد المجتمع للمضي قدماً نحو
المستقبل، متسلحين بلغة وأدوات العصر وأصالة الفكر والتراث، وتقبل الأخر في نفس
الوقت، والنهوض بالمجتمع ثقافيا وعلمياً، ونشر الثقافة المعرفية والعلمية والأدبية،
ومحاربة الأمية بشتى صورها.
وسمة هذا العصر أنه مبني على تكنولوجيا المعلومات التي
لعبت دوراً خطيراً في دمج العالم علمياً في قرية واحدة، وفي خضم تدفق المعلومات
وظهور عصر العولمة بتجلياته المختلفة، يظهر جلياً حاجة المجتمع إلى أفراد يتمتعون بلغة
العصر، وبلا شك فإن المكتبة العامة تلعب دوراً محورياً في محو الأمية الثقافية، من
خلال أقسام تكنولوجيا المعلومات بالمكتبات، حيث تقوم هذه الأقسام بالتدريب على
استخدامات وبرامج الحاسب الآلي، التي تؤهل الفرد للاندماج في عصر المعلومات، وإيجاد
برامج تعاون مع الجهات المعنية بنشر الثقافة، واستخدام الحاسب..
الخ
لقد وقف الكثيرون من
مستشرفي المستقبل، وغيرهم من مواكبي التطور التكنولوجي في بداية انتشاره على أهبة
الاستعداد لنعي المكتبات العامة وتأبينها، حيث تحل خدمة الإنترنت مكانها، فتزول
بذلك الحاجة لها وللكتاب.
إلاّ أن الإقبال على
زيارة المكتبات العامة في قرى وبلدات لبنان يزداد عاماً بعد عام. ويعزو ذلك إلى ما
حققته شبكة الإنترنت في زيادة هائلة للخدمات والمواد الإعلامية التي تؤمنها
المكتبات العامة، حتى تجاوز استعمالها حد المكان الذي يضم تلك المكتبة.
وقد احسنت المكتبات العامة استعمال التكنولوجيا ووسائل
الإعلام الجديدة، ووظفتها وروجت لاستعمالها مواكبةً تطورها منذ ظهورها متماشيةً مع
الكم الهائل من المعلومات المتوفرة عبر تلك الشبكة، على مدار 24 ساعة في اليوم.
وقد عمدت غالبية المكتبات
إلى نشر فهرسٍ بموجوداتها من الكتب، لتمكين المتصفحين على شبكة الإنترنت من حجز
الكتب التي يودون استعارتها، أو تجديد فترة استعارة الكتب التي لديهم والمستحقة
للإعادة. فيكون ذلك جزءًا من الوظائف التي تقوم بها الأنظمة المتكاملة للمكتبات
العامة، والمتوفرة للناس عبر الإنترنت على مدار الساعة. ما عمل على ازدياد أعداد
الحجوزات التي تجري عبر الشبكة الإلكترونية بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف مقارنة بالأنظمة
السابقة التي تستوجب الحضور للحجز وتقديم
الطلب قبل الحضور للاستلام.
وقد ساعدت التكنولوجيا وإمكانية استخدام الإنترنت
على مدار الساعة في كل يوم من أيام الأسبوع، المكتبات العامة في تقديم خدمات
مرجعية عبر البريد الإلكتروني والمحادثة. ويفضل الكثير من المستعملين إرسال
استفساراتهم عبر البريد الإلكتروني بدلاً من الاستفسار عبر الهاتف الذي قد يفرض
الانتظار لفترة طويلة.
تقدم بعض المكتبات العامة مصادر مرجعية على شبكة
الإنترنت، وهي خدمة رائعة بشكل خاص وذات تأثير كبير. كما توفر أيضاً قوائم قيّمة
مع شروحات حول مواقع الشبكة المتصلة بها مرتبة حسب المواضيع لاستعمال الناس ذوي
الأعمار والاهتمامات المختلفة. ويقوم أمناء مكتبات محترفون بالتحقق من هذه القوائم
وجمعها وتصنيفها، ويؤمنون صحتها، ودقتها، وتقديمها في الوقت المناسب، وهي جميعاً
أمور لا يمكن ضمانها في النتائج التي تقدمها محركات البحث التجارية.
وتبرز جميع الخدمات التي سبق ذكرها كيفية قيام
الإنترنت بزيادة أهمية المكتبات العامة لمستخدميها وزيادة الإقبال على استعمال
خدمات المكتبات العامة. فالمكتبات العامة تزدهر وتلبي احتياجات مستعمليها
للمعلومات نتيجةً لوجود الإنترنت.
والموقع ليس مسؤولا عن ذلك.