الكاتب والشاعر اليمني فهد الفقيه العذري:

الثقافة مفتاح الفكر والجزائريون شعب توّاق للّحمة العربية والتواصل مع كل مثقفيها

حاوره: الصادق سالم

الكاتب والشاعر اليمني فهد الفقيه العذري تدرّج في تحصيله العلمي إلى غاية تحصّله على درجة الدكتوراه وثابر في العمل حتى أصبح يمتلك الآن شركته الخاصة في المجال الصناعي، وكان ما بين فترة وأخرى يرافق القلم حينًا شعرًا، وحينًا آخر كتابةً لقصة أو لخاطرة أو بعض المواضيع التي تخص الأدب والثقافة بوجه خاص.

شقّ طريقه منذ صغره وتدرّج في سماء الأدب والفكر بكل حذاقة وحس فكري متميّز، نجح في رسم خارطته الأدبية، تكلّم بكل صراحة وواقعية حول الوضع الأدبي في الوطن العربي، وما يلزمه لاستعادة بريقه، فتح قلبه لروّاد موقع أبعاد، وكشف عن عدة أمور حسّاسة في مجال الأدب والفكر والثقافة، خلال حواره أكّد دعمه لكل المشاريع الثقافية العربية الداعمة للإنتاج الفكري، إضافة إلى أنّه من الداعمين الأساسيين لمهرجان همسة الدولي بمصر، إنه الكاتب والشاعر اليمني فهد الفقيه العذري.

الكاتب والشاعر اليمني فهد الفقيه العذري في حديثٍ خاص ل: "أبعاد":

أبعاد: السلام عليكم أستاذ فهد، سعداء بنزولك ضيفًا على موقع أبعاد مرحبًا بك.

أبعاد: من هو الشاعر والكاتب فهد الفقيه؟

أنا شخص بسيط جدًا من أسرة متوسّطة، شققت طريقي من خلال التعليم وطوّرت من أدائي المعرفي والأدبي فجمعت بين العلم الأكاديمي كمشروع حياة والأدب كمشروع حلم أو طموح كنت أصبو إليه منذ الصغر، حتى تمكّنت من الجمع بينهما، وتدرّجت في تحصيلي العلمي حتى تحصّلت على درجة الدكتوراه وثابرت في العمل حتى أصبحت أمتلك الآن ولله الحمد شركتي الخاصة في المجال الصناعي، وكنت مابين فترات وأخرى أرافق القلم ويرافقني حينًا شعرًا، وحينًا آخر كتابةً لقصة أو لخاطرة أو بعض المواضيع التي تخص الأدب والثقافة بوجه خاص.

أبعاد: كيف اكتشفت نفسك في مجال الشعر أو الكتابة؟

اكتشفت ذلك منذ الصغر فقد كنت أحب التعبير عن الأشياء بالقلم، والبحث عن أي فكرة أستطيع أن اكتب عنها مقالاً أو قصة، وأيضًا كانت درجاتي التحصيلية في مادة الإنشاء في المدرسة دائمًا مرتفعة، وقد كتبت بعض من السيرة الذاتية لوالدي وأنا في الصف الرابع الابتدائي، ثم أخذت بتنمية وصقل هذه الموهبة بالاطلاع والقراءة لأغلبَ الشعراء ومنهم الجواهري ونازك الملائكة والسياب والمنفلوطي وحافظ ابراهيم وأمير.

أبعاد: من هو قدوتك في هذا المجال وبمن تتأثر من العرب أو الغربيين؟

اقتديت في مجال الشعر بكتّاب الشعر الحديث ومنهم نازك الملائكة، السياب والجواهري، وبالأسلوب فقد راق لي أسلوب الشاعر الكبير نزار قباني في الكتابة والنظم لأن مفهومه عن المرأة توافقَ مع توجهي ومفهومي عن المرأة، فالمرأة هي شغفي وتعني لي الكثير، بخلاف أنها الأم والأخت فهي الحبيبة والعشيقة والملهمة ولولاها لما سميتُ رجلاً، وقد تأثرت بها كثيرًا في كل مراحل حياتي منذ صغري حتى الآن، فأصبحَت بالنسبة لي كل شيء وأصبحت لا أرى أن هناك أمل أو طموح إلا بوجودها قربي، فهي عطر الزمان والمكان.

أبعاد: ما هي إصداراتك التي تم نشرها؟

يوجد لدي إصداران في الأسواق: الأول ديوان (همسات من الماضي) وقد جمعت به كتاباتي وبداياتي التي كان أغلبها عبارة عن قصاصات ورقية ملقاة هنا وهناك، تمت طباعته في السعودية. والثاني ديوان (شجون محارب) وقد اهتممت به كثيرًا وأغلب قصائده حديثة العهد في كتابتها، تمت طباعته في القاهرة من خلال دار همسة للنشر والتوزيع. وهناك كتاب عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان (سماء تبحث عن أرضها)،قيد الإعداد والطبع، سوف يُطبع أيضًا في القاهرة عبر دار همسة للنشر.

أبعاد: ماهي الأوقات التي تختارها في الكتابة؟

لا يوجد لدي وقت محدّد للكتابة فحالما تأتيني الفكرة أبدأ بكتابتها، سواء في المنزل أو العمل أو حتى في مكان عام كمقهى أو غيره، ولكن غالبًا ما يكون في المنزل وفي ساعات الاسترخاء المتأخرة من الليل.

أبعاد: هل شاركت في مسابقات أدبية أو شعرية داخل وخارج الوطن؟

نعم لقد شاركت في مسابقات أدبية محدودة في القاهرة أو بعض المسابقات المحلية كاليمن وبعض دول الخليج وقد حالفني التوفيق في أغلبها.

أبعاد: مارأيك في المسابقات الشعرية التي تنظم في السنوات الأخيرة مثل "أمير الشعراء"، هل هي مفيدة للشاعر أم أنها مجرد عمليات تجارية؟

المسابقات الشعرية مفيدة جدًا سواء كانت بغرض تجاري أو ثقافي لأن المضمون هو إحياء هذا الإرث الإنساني الراقي وإذكاء روح التنافس بين الموهوبين والمبدعين في كل المجالات الشعرية والأدبية على حد سواء.

أبعاد: ماذا ينقص الشاعر العربي اليوم لتطوير مستواه أم انك ترى مستوى الشعر حسن اليوم؟

لكل مبدع عدة يجب أن تكون في جعبته ومنها الموهبة والفكر والثقافة، فالموهبة هي القدرة على إيصال ما يخالج الإنسان من تدفّقٍ روحاني حباه الله دون غيره سواء في الأحاسيس والمشاعر بفكرة أو رؤية أو اتجاه كالأدب أو الفن أو الرسم أو حتى الأمور التقنية والعلمية، والفكر هو مقياس التميز بظهور هذه الموهبة من عدمه، أما الثقافة فهي مفتاح الفكر من حيث إدراك ما نجهله، فنتعلمه ونبرع به، وطالما وجدت هذه الأمور في الشخص المعني فسيكون مبدعًا ومتميزًا في أي مجال قريب من نفسه وطموحه كالشعر أو الأدب أو الاختراع والابتكار، فلا نستطيع أن نقول لشخص أنه شاعر أو أديب وهو لايملك الموهبة حتى وان تعلم البحور والأوزان الشعرية، لابد من التراتبية السابقة حتى نبدع وننجح في أي مجال نصبو إليه، أما المستويات فتختلف من شاعرٍ إلى آخر كلٌّ بحسب الاتجاه الشعري الذي يخوضه، فهناك شعراء بارزون في مجال الفصحى وآخرون في الحُر أو التفعيلة وآخرون في الشعر العامي، الشعبي أو النبطي، فالتفاوت موجود من فئة إلى أخرى ومن النوع إلى الأخر والعكس.

أبعاد: أكيد أنك تدعم مهرجان همسة لأهداف سامية و تطوير المجال الأدبي والإبداع الفكري، ماهي أهم الأهداف التي تريد الوصول إليها من خلال هذا المهرجان؟

كما نعلم أن العالم العربي متفكك في بنيته القومية سياسيًا ومذهبيًا، لكن اللغة تبقى واحدة حتى وإن اختلفت اللهجات من دولة لأخرى والتراث العربي مليء بالدُرَر الإنسانية والروحية التي تحاكي القلوب قبل العقول، كالشعر والقصة والرواية والأسطورة، يعني الأدب بشكل عام فكان هذا الأمر هو نقطة التوحد وهو اللُّبنة الأساسية لقيام هذا التوجه، وهو إنشاء مهرجان عربي قومي يضم جميع الأطياف العربية بمختلف قومياتهم ومذاهبهم على أساس لغوي وأدبي وفكري، وبالتواصل مع أخي وصديقي الأستاذ والصحفي فتحي الحصري تمخضَت هذه الفكرة بولود مهرجان همسة الدولي للأدب والفنون بالقاهرة، وفعلا تم ذلك والفضل يعود للجهود الجبارة والمبذولة من أخي فتحي الحصري حيث أنه ذو دراية ومعرفة بالمجتمع الأدبي والفني في مصر والعالم العربي على حد سواء فكان مهرجان همسة الأول والثاني والآن نحن بصدد إعداد مهرجان همسة الثالث.

أبعاد: أصبح مهرجان همسة يعرف شهرة كبيرة خاصة في دول المغرب العربي كالجزائر، تونس والمغرب ويحقق نجاحاتٍ كبرى، برأيك لماذا يرجع هذا النجاح؟

بسبب الوعي الثقافي الكامن والمتوارث في أدباء المغرب العربي، والمصداقية والنزاهة التي يحظى بها هذا المهرجان في كل توجهاته وأهدافه، وأيضا لا ننسى الأدباء الجزائريين المكرّمين في المهرجانين السابقين، إذ كانوا بمثابة الشعلة الوضاءة في انتشاره في دول المغرب العربي، فهم سفراء المهرجان في هذه الدول، وهذا هو الهدف الرئيسي في إنشائه وهو التواصل ومدّ جسورِ المحبة والتآلف فيما بين أبناء الوطن العربي الكبير.

أبعاد: هل سيتم استحداث جوائز أخرى جديدة في المهرجان؟

أكيد، إن شاء الله في المهرجانات القادمة، ولو نلاحظ فإن المهرجان يسير بتدرج وتراتبية مدروسة بدقة وسيلحظ المكرمون هذا الفرق بين المهرجان القادم والمهرجانات السابقة، أهم شيء الآن التعاون والتكاتف والدعم بالكلمة الصادقة والرأي الصواب، والقادم أجمل وأحلى.

أبعاد: ماذا أضاف إليك مهرجان همسة؟

أضاف لي الكثير، ويكفيني فخرًا أنّني تعرفت من خلاله بنخبة من أرقى الأدباء العرب، وأصبح بيننا جسرٌ متواصلٌ من الصداقة والثقة في التعامل وفي صدق النوايا بطرح الأفكار والرؤى والتشاور في كل الأمور التي تهم المثقف العربي من كافة النواحي الإنسانية، وهذا هو الطموح الذي لطالما حلمت به.

أبعاد: ماهي مشاريعك المستقبلية في هذا المجال أو غيره؟

إن شاء الله أستمر في المشاركة كفردٍ من مجموعة مخلصة في استمرارية هذا المهرجان وذلك بالدعم المعنوي قبل المادي، فالواحد للكل والكل للواحد، ولا يكتمل البناء إلا بتضافر كل الجهود وبقلب رجل واحد، وربما يكون هناك الكثير من الأعمال المشتركة الأخرى التي أراها تؤدي إلى نفس الغرض وهو التقارب بين أبناء الوطن العربي الواحد فكريًا وثقافياً وأدبيا.

أبعاد: هل لك دواوين أخرى ستنشرها عن قريب؟

أكيد، هناك كتاب قصصي وليس ديوان شعري وهو عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان (سماء تبحث عن أرضها)، تختلف من حيث الرؤى فمنها القصص السياسية بقالب ساخر والقصص المعاصرة ذات الموضوع الآني من حيث الأحداث والتطورات الحاصلة في المجتمع، و تحاكي ظاهرة البؤس والشقاء ومناجاة الفقراء والجياع لمن ينقذهم من أناتهم وآلامهم الحياتية والمعيشية.

أبعاد: مارأيك في المشاركات الجزائرية التي باتت تحصد الجوائز بأعداد كبيرة؟

الجزائريون شعب توّاق للُّحمة العربية والتواصل مع كل مثقفيها، وفيهم شغف كبير وعجيب لتلقف الثقافة وحب الاطلاع، فليس غريبًا عليهم أن يكونوا من أوائل الفائزين اللذين يحصدون عشرات الجوائز، ولا ننكر أيضًا أن المشاركين السابقين في المهرجانات السابقة كانوا خير سفراء لهذا المهرجان بإيصال كل المعلومات الخاصة به عن طريق طبعًا مديرة مجلة همسة في الجزائر الأستاذة زهرة بالعروسي الذي هي امتداد رئيسي لمهرجان همسة ومن أهم كوادره الفاعلة.

أبعاد: هل ترى أنّ وسائل الإعلام قد ساهمت في التعريف بالمهرجان بشكل كبير وأوصلت صوته لكل المشاركين من الدول العربية؟

طبعا، وسائل الإعلام هي ساعي البريد الذي يقوم بتوصيل الرسائل الهادفة، كمهرجان همسة ... وكلما كان المهرجان والقائمين عليه صادقين فبالتأكيد سيلقى صدىً واسعًا من كل وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة أو حتى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

أبعاد: ماذا تريد أن تضيف في آخر هذا الحوار أو تخاطب به القرّاء ومن يعرف فهد الفقيه؟

ختامًا، أتمنى أن أكون خفيف الظل عليكم، وتأكّدوا أنّ كل كلمة قلتُها هي نابعة من القلب وبكل صدق، وكل أمنيتي أن يتمَّ الأمن والسلام في رحاب أوطاننا العربية، وأن يبعد عنّا كل العقليات المريضة التي تمزّق هذا الوطن العربي الكبير برؤاها البائدة كالعنصرية والمذهبية المقيتة، فنحن أبناء وطن واحد سواء كنا تحت راية وطننا الأصغر أو الأكبر، فلماذا هذا التشتت والانقسام والحروب التي لم نكسب منها سوى الدمار والخراب؟

أبعاد: شكرًا على الفرصة الطيبة التي أتحتها لنا لإجراء هذا الحوار الشيّق.

أتقدم بشكري الجزيل لصديقي الصحفي الجزائري الأستاذ الصادق سالم الذي أتاح لي هذه الفرصة للتعرف بأهلي في لبنان والجزائر وكافة الوطن العربي.